الأحد 15 يونيو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا -فتاة سحلول

أعلن الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بعد سنوات من الحصار الذي طال كافة ركائز الحياة.

وتفاوتت الآراء حول القرار بين من يرى أنه قد يستغل لتعزيز نفوذ سلطات الأمر الواقع، لا لتحسين حياة المواطنين، وبين من يراه بوابة لعودة الحياة.

ويبقى السؤال الأهم: من المستفيد الحقيقي من رفع العقوبات؟ وما أثر ذلك على حياة السوريين في الداخل؟

منذ بداية فرض العقوبات الدولية على النظام السوري البائد في أيار ،عام 2011، كان الهدف المعلن هو “الضغط السياسي لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات”.

لكن الواقع أثبت أن النتائج كانت أكثر تعقيداً : انهيار اقتصادي، ارتفاع غير معقول بلأسعار وكثرة اعداد اللاجئين في دول الجوار بسبب المعاناة اليومية التي يعيشها السوري.

وحول هذا الموضوع صرح المحامي والناشط الحقوقي فراس حاج يحيى لمنصة “يلا سوريا” بالقول إن “رفع العقوبات يُشكّل خطوة مهمة نحو إعادة تطبيع العلاقات بين سوريا والمجتمع الدولي، ويعكس تحوّلًا في المقاربة الغربية من العزل إلى الانخراط”.

وأضاف الحقوقي : “أن هذا التطور قد يمهّد الطريق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل أوسع، وإعادة سوريا إلى المنصات الإقليمية والدولية باعتبارها طرفًا فاعلًا في ملفات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار.”

وعن السياسات الداخلية، أشار فراس حاج يحيى إلى أن “أي انفتاح خارجي يكون بطبيعته محفزًا للتطوير الداخلي، رفع العقوبات يُتيح للدولة السورية مرونة أكبر في إعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية والإدارية، ما قد يُمهّد لتحسين آليات الحوكمة وتعزيز دور المؤسسات المدنية”.

في السياق ذاته يقول فراس حاج يحيى :”إن الحكومة السورية أظهرت في الفترة الأخيرة إشارات إلى الانفتاح الاقتصادي وتحسين البيئة التشريعية ورغبة في إنجاح العملية الانتقالية و إشراك كافة السوريين في هذه العملية ، ورفع القيود الخارجية يُعزز هذه الاتجاهات”.

ومن الملفات الأكثر تداخلًا مع العقوبات، ملف عودة اللاجئين والنازحين، الذين ينتظرون ظروفًا آمنة ومستقرة للعودة.

وعن ذلك قال الحقوقي فراس حاج يحيى: “إن رفع العقوبات يُعد عاملًا إيجابيًا ومباشرًا في تشجيع العودة، لأنه يُعيد تحريك عجلة الاقتصاد والخدمات، ما يهيئ بيئة أكثر جاذبية للعودة الطوعية”.

مضيفاً: “أن الحكومة السورية أعلنت مرارًا ترحيبها بعودة جميع أبنائها، واتخذت بالفعل بعض خطوات لتسهيل ذلك. بطبيعة الحال، تبقى بعض التحديات قائمة، لكنها تتراجع مع استقرار الوضع العام وزيادة قدرة الدولة على تقديم الخدمات، والأولوية ستكون للنازحين في الخيام في سوريا ودول الجوار وفي هذا الصدد أتوقع ان تعمل هيئة المغتربين في وزارة الخارجية السورية على هذا الملف وتضع خطة متكاملة لذلك” .

في السياق ذاته أجاب فراس حاج يحيى حول الدول المضيفة والعودة القسرية للاجئين في الدول الجوار :
“رفع العقوبات لا يُبرر الإخلال بالالتزامات الدولية للدول المضيفة تجاه اللاجئين. العودة يجب أن تبقى طوعية ومنظمة وبالتنسيق مع الحكومة السورية ومع ذلك، استمرار الوضع الراهن يُرهق دول الجوار اقتصاديًا، ورفع العقوبات عن سوريا هو جزء من الحل لأنه يُمهّد لخلق بيئة أكثر قدرة على استيعاب العائدين”.

أكد حاج يحيى :”التنسيق بين سوريا والدول المضيفة يمكن أن يكون المدخل العملي لتحقيق عودة كريمة ومتدرجة”.

وفيما يرى البعض أن الانفتاح الدولي قد يُغلق الباب على المساءلة والعدالة الانتقالية.

عبر حاج يحيى : أن رفع العقوبات لا يتعارض مع مسار العدالة، بل يُسهّل مناخًا أكثر استقرارًا للحوار الوطني والمصالحة وللعدالة الانتقالية ورفع العقوبات يسمح بالحصول على مساعدات لوجستية و مالية تسهم في نجاح عمل هيئة العدالة .

يقول حاج يحيى: هذا السياق، الانفتاح الدولي يمكن أن يعزز مبادرات محلية نحو العدالة الانتقالية المستندة إلى السيادة الوطنية .

فيما يتعلق بحياة المواطنين اردف حاج يحيى : “أن رفع العقوبات يُعطي دفعة مباشرة لقطاعات حيوية مثل الصحة والطاقة والتموين والتعليم والنقل ،قد لا يشعر المواطن العادي بتغيير جذري خلال أسابيع، لكن خلال أشهر، من المتوقع أن تتوفر المواد الأساسية بسلاسة أكبر، وتنخفض نسب التضخم، ويبدأ النشاط الاقتصادي بالتعافي، خاصة إذا ترافق ذلك مع انفتاح من الدول الصديقة والمبادرات التنموية الممولة من صناديق الامم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي”.

وحول مسألة حقوق الانسان أشار حاج يحيى: “تحسين الاقتصاد ورفع الضغط الخارجي يمكّن الدولة من تخصيص موارد أكبر للقطاعات الخدمية والاجتماعية، ما ينعكس تلقائيًا على واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضاف:” أما الحقوق السياسية والمدنية، فهي جزء من عملية تطوّر وطني تدريجي وهي احدى اهم مطالب الثورة السورية في عملية تداول السلطة و المشاركة السياسية ، و أي دعم خارجي في هذا المجال يجب أن يكون مُحترمًا للسيادة ومراعٍ للواقع”

ليس رفع العقوبات مجرد إجراء أو قرار اقتصادي بل هو امتحان حقيقي لإرادة المجتمع الدولي، واختبار لنية النظام السوري في الانفتاح على استحقاقات العدالة والإصلاح.

فهل يُترجم هذا الانفتاح إلى خطوات حقيقية نحو المصالحة الوطنية وعودة اللاجئين بكرامة وأمان؟

المسؤولية باتت تقع على عاتق صانعي القرار، لكن عيون السوريين تبقى مفتوحة، مترقبة، لا تنتظر فقط الخبز والدواء، بل العدالة والكرامة التي سُلبت منهم.