بين الأقساط المرهقة والرفض المفاجئ،أزمة الطلاب السوريين في مصر تتفاقم
يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور
يتعثّر الطلاب السوريون في مصر اليوم أمام أبواب مغلقة، لا تُفتح بالعلم ولا بالشهادات. ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن يجلسوا إلى مقاعد الامتحانات، يُمنعون من الدخول إلى البلاد أو يُفصلون من جامعاتهم دون سابق إنذار، تتعقّد الإجراءات، وتختفي التوضيحات، وتبقى أوراقهم الرسمية عاجزة أمام عبارة واحدة: “رفض أمني”.
قرارات مفاجئة تهدد مصير المئات
تواجه شريحة واسعة من الطلاب السوريين قرارات تعسفية منذ بداية العام الدراسي 2023–2024، دون إعلان أو تفسير رسمي وتُرفض تجديدات الإقامات وتأشيرات الدخول، ويُفصل بعض الطلاب المقيمين في مصر بشكل قانوني وتترافق هذه القرارات مع خسائر مالية باهظة، إذ دفع بعض الطلاب مبالغ تجاوزت 8000 دولار، دون أن يتمكنوا من استكمال تعليمهم أو استرداد ما دفعوه.
أرقام توضح حجم الأزمة
من أصل نحو 125 ألف طالب دولي مسجل في مصر، تضم الجامعات المصرية آلاف الطلاب السوريين، يشكّلون نسبة ملحوظة ضمن الجاليات التعليمية.
وتشير تقديرات حقوقية إلى أنّ ما لا يقل عن 476 طالبًا سوريًا قد تعرّضوا للترحيل أو مُنعوا من الدخول إلى مصر خلال الأشهر الماضية، رغم امتلاكهم قبولات رسمية وإقامات سارية.
وتفيد منظمات مجتمع مدني بأنّ الإجراءات الأمنية التي كانت تتأخر سابقًا، أصبحت تُستخدم الآن كأداة منع مباشرة، ما سبّب حرمان مئات الطلبة السوريين المقيمين في الخليج وأوروبا من العودة إلى مقاعدهم الدراسية مع نهاية 2024 وبداية 2025.
ينهار مستقبل زيد في لحظة
يُجسّد الطالب زيد. ف، في سنته الخامسة بطب الأسنان، واحدة من القصص المؤلمة. فبعد خمس سنوات من الدراسة في جامعة مصرية، تم منعه من الدخول عند عودته من زيارة لأسرته، رغم امتلاكه إقامة وتصريح دراسة.
“كل شي بنيتو بلحظة انهار… ما عرفت ليش، بس قالولي: قرار أمني”.
يواجه عبيدة شروطًا تعجيزية
يتعرض الطالب عبيدة. س، في سنته الثانية بكلية الطب، لضغوط مالية غير منطقية. فقد مُنع من الحصول على نتيجته إلا بعد دفع قسط السنة التالية، رغم أنه لم يُنهِ بعد السنة الحالية. والأسوأ من ذلك أنه فوجئ برسوم إضافية على مواد فوجئ فرضت عليه لقاء مواد صيفية لم يسجّلها أصلًا..
“بهذه الطريقة، يتحول القسط إلى وسيلة ضغط، والشهادة إلى رهينة”.
لم تقتصر هذه الإجراءات على الطلاب الذكور، بل طالت طالبات سوريات أنهين سنوات طويلة من الدراسة. في إحدى الحالات، كانت شقيقتان تدرسان في جامعات مصرية؛ لين.ب، في السنة الرابعة من كلية الطب، ولانا. ب، في السنة الثانية من كلية الصيدلة.
ورغم استكمال أوراق الإقامة وسداد الأقساط بالكامل، تفاجأتا عند وصولهما إلى مطار القاهرة بصدور قرار بترحيلهما الفوري.
“أخبروهما بأن السبب هو الرفض الأمني، ولم يُمنح لهما حتى وقت لالتقاط الأنفاس أو مراجعة أحد، بل جرى ترحيلهما من اللحظة الأولى.”
تدخل رسمي سوري
في منتصف حزيران 2024، أصدر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني توجيهًا رسميًا بمتابعة ملف الطلاب السوريين المفصولين من الجامعات المصرية.
وأكدت الوزارة أن فريقها يبذل ما بوسعه للتواصل مع الجانب المصري، مع التحضير لاجتماع قريب لبحث هذا الملف، استجابةً لمناشدات الطلاب وأهاليهم، في محاولة لإنقاذ مستقبلهم الأكاديمي.
يناشدون وزير التعليم العالي لحل عاجل
أمام هذا الواقع، وجّه عشرات الطلاب السوريين مناشدة مباشرة إلى السيد وزير التعليم العالي السوري، مطالبين بإصدار قرار يسمح بقبول نقل الطلاب العائدين من الخارج إلى الجامعات السورية ضمن نفس السنة الدراسية التي كانوا يدرسون فيها.
آمال الطلاب وسط الضباب
لا تُختصر المعاناة في زيد وعبيدة، أو في الطالبتين المبعَدتين، بل تمتد إلى مئات الطلاب السوريين، ممن كرسوا سنوات من أعمارهم في الدراسة، ليجدوا أنفسهم فجأة خارج القاعات والبرامج الأكاديمية. يتكرر المشهد ذاته: أوراق قانونية، أقساط مدفوعة، قرارات فصل، ومستقبل غامض لا يُعرف له مخرج.
ورغم حجم الظلم والضبابية التي تسيطر على المشهد، يبقى الأمل قائمًا بتحرك رسمي يعيد فتح الأبواب المغلقة.
فمن حق زيد وعبيدة، ومن حق الطالبتين المرحّلتين، ومن حق مئات الطلاب الآخرين، أن يتابعوا تعليمهم الذي بدأوه بعناء.
ولعلّ ما ضاع من وقت، لا يضيع معه مستقبل بأكمله.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram