الخميس 26 يونيو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات طالت خمسة من أبرز الشخصيات المرتبطة بالنظام السوري البائد، لتورطهم المباشر في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت التعذيب، الإعدام خارج نطاق القضاء، التحريض الطائفي، واستخدام الأسلحة الكيميائية.

وشملت القائمة ثلاثة من كبار الضباط السابقين في الحرس الجمهوري والجيش وهم: سهيل الحسن، غياث دلا، ومقداد فتيحة.

وبحسب بيان المجلس الأوروبي، فقد تولّى هؤلاء أدوارًا قيادية في أجهزة أمنية وعسكرية مارست القتل المنهجي والتعذيب الموثّق بحق المعتقلين، إضافة إلى الإشراف المباشر على قمع المدنيين خلال موجة العنف التي اجتاحت الساحل السوري في آذار 2025.

وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن الضباط الثلاثة شكلوا مليشيات مسلّحة عقب سقوط النظام في كانون الأول 2024، استخدمت العنف الطائفي كأداة للسيطرة وإثارة الفوضى.

وقادت تلك المليشيات عمليات ميدانية وصفت بالوحشية في اللاذقية وطرطوس وجبلة، أسفرت عن مقتل المئات خارج إطار القانون، في واحدة من أكثر الفترات دموية منذ سقوط النظام.

إلى جانب القيادات العسكرية، شملت العقوبات رجلَي الأعمال مدلل خوري وعماد خوري، المعروفَين بتمثيل المصالح التجارية والمالية للنظام البائد في روسيا.

وأكد بيان الاتحاد أن الرجلين لعبا دورًا حاسمًا في تمويل الجرائم التي ارتكبها النظام، بما فيها الهجمات الكيميائية، من خلال إدارة شبكات مالية وشركات واجهة مكّنت النظام من تجاوز العقوبات الدولية.

وتضمّنت الإجراءات العقابية تجميد أصول الشخصيات الخمس في دول الاتحاد الأوروبي، ومنع تقديم أي موارد اقتصادية أو مالية لهم بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى فرض حظر سفر شامل عليهم إلى كافة دول الاتحاد.

وأوضح البيان أن هذه التدابير تأتي ضمن إطار نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان، الذي أقرّه الاتحاد في كانون الأول 2020، والذي يسمح بملاحقة الأفراد والكيانات المتورطة في جرائم جسيمة على مستوى العالم. ويُطبق هذا النظام حاليًا على 123 شخصًا و36 كيانًا، وتم تمديده حتى نهاية عام 2026.

ورحّبت وزارة الخارجية السورية بالعقوبات، معتبرة أن هذا القرار يمثل “إدراكًا متزايدًا من الاتحاد الأوروبي لحجم الجرائم المرتكبة في الساحل”، وأعلنت أن لجنة تحقيق رئاسية أوشكت على الانتهاء من أعمالها تمهيدًا لمحاسبة المتورطين، وفق بيان رسمي نُشر عبر صفحة الوزارة على “فيسبوك” بتاريخ 23 حزيران.

وفي خلفية هذه التطورات، يبرز مشهد “أحداث الساحل” التي جرت بين 6 و10 آذار 2025، والتي وُصفت بأنها من أسوأ موجات العنف التي شهدتها سوريا منذ سنوات. وأسفرت عن مقتل 803 مدنيين، معظمهم ضحايا عمليات إعدام ميدانية على يد جماعات موالية للنظام البائد، يُشار إليهم في البيان باسم “فلول النظام”.

لا تعني العقوبات الأوروبية وحدها إنصاف الضحايا، لكنها خطوة ضرورية في طريق طويل نحو المحاسبة. فالأسماء التي طالها هذا القرار ليست مجرد شخصيات مثيرة للجدل، بل شركاء مباشرين في جرائم موثّقة ارتُكبت بحق شعب بأكمله. سقوط النظام المجرم لا يُسقط الحق، ولا يُغلق ملفات الدم، بل يفتحها على مصراعيها أمام القانون والتاريخ.

تمثل هذه العقوبات بداية فقط لمحاسبة المجرمين الذين دمّروا حياة ملايين السوريين. لا يمكن لأحد أن يغسل يده من دم الأبرياء الذين سقطوا على أيدي هؤلاء القتلة. العدالة وحدها هي السبيل لإيقاف دورة العنف، ولردّ كرامة الضحايا وأسرهم. ولن تتوقف المطالبات الدولية حتى يُقدّم كل من ارتكب جرائم ضد الإنسانية إلى المحاكمة، ويُحاسب على أفعاله بلا استثناء أو تهاون.