رسالة مفتوحة من صحفي إلى الإخبارية السورية قبيل انطلاقتها. بقلم:ثائر الطحلي
إلى الإخبارية السورية التي ستنطلق في مرحلة تاريخية فارقة من تاريخ سوريا، حيث نودع نظامًا ظالمًا جثم على صدورنا لعقود من الزمن، وتبدأ مرحلة جديدة نأمل أن تكون أكثر إشراقًا، حرة، ونزيهة.
مع اقتراب لحظة انطلاقكم، هناك حقيقة واحدة يجب أن نضعها أمام أعيننا: الصحافة الحقيقية لا تُساوم على الحقيقة، ولا تخضع لأي ضغوط سياسية أو مصالح ضيقة.
إن اللحظة التي نعيشها اليوم لا تعني فقط سقوط النظام الديكتاتوري، بل هي بداية طويلة وصعبة لبناء دولة جديدة، دولة تحترم حقوق الإنسان، وتضمن حريات الصحافة والتعبير. ولكن ذلك لا يتحقق إلا إذا حافظتم على استقلاليتكم وكنتم منبرًا للشعب بكل تنوعه. نحن اليوم في مرحلةٍ لا يجوز فيها تكرار أخطاء الماضي، حيث كانت الكلمة محكومة بالخوف والتهديد. اليوم يجب أن تكون الكلمة حرة، وجريئة، وقوية.
باسم الصحفيين السوريين الذين دفعوا ثمن الكلمة الحرة في سنوات القمع، وباسم كل سوري ناضل من أجل التغيير، أوجه إليكم هذه الرسالة المفتوحة:
أولاً: لا تقبلوا أن تكونوا مجرد أدوات لتقديم الأخبار كما يريدها المتنفذون. عليكم أن تكونوا صوت الحقيقة، مهما كانت قاسية أو مؤلمة. سوريا لن تُبنى على أكاذيب أو تسويات، بل على الحقائق.
ثانيًا: احترموا حرية الصحافة واحفظوا استقلالكم. لا ينبغي لأي جهة أو طرف أن يفرض عليكم أجندات سياسية، فأنتم في موقع المسؤولية لإعلام الشعب السوري والعالم بما يحدث بحقهم، دون تجميل أو تحريف. إعلامكم يجب أن يكون أداة للمحاسبة، لا للتهدئة أو الترويج لأي طرف كان.
ثالثًا: سوريا تستحق إعلامًا يقف إلى جانب العدالة والكرامة، لا إعلامًا يغطي الحقائق أو يلتزم الصمت أمام الجرائم. الشعب السوري يعاني من الجراح، وآلامه لا يمكن أن تُنسى تحت أي ظرف. التزامكم بنقل كل جزء من الحقيقة، مهما كان مؤلمًا، هو تكريم للدماء التي سُفكت، وللأرواح التي ضُحّي بها.
رابعًا: لا تسمحوا للهوى أو المصالح الخاصة بأن تلوّنوا به الحقيقة. تذكروا أن الصحافة الحقيقية هي التي تسعى لإيقاظ الوعي، وتحرر العقول، وتكشف المستور. في سوريا الجديدة، يجب أن تكون الصحافة أداة للإنارة، لا للتغطية أو التلاعب.
في الختام، أؤكد لكم أن التحدي أمامكم ليس بسيطًا. في هذا الزمن الفارق، تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة: أن تكونوا الصوت الذي لا يُسكَت، والضمير الذي لا يهادن، وأن تكونوا أداة حقيقية لبناء سوريا جديدة. كصحفيين سوريين، نحن معكم في هذا المسار، وأملنا أن تكونوا بالفعل صوت الشعب، ورسول الحقيقة الذي لا يخشى قولها مهما كانت العواقب.
Facebook
Twitter
YouTube
TikTok
Telegram
Instagram