الأحد 13 يوليو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – بدر المنلا

قال وزير الطوارئ والكوارث، رائد الصالح، إن الحرائق المستعرة في ريف اللاذقية لا تزال تتوسّع رغم الجهود المكثفة المبذولة من فرق الدفاع المدني والإطفاء، مشيراً إلى أنّ المساحة المتضررة حتى الآن تجاوزت الـ 15 ألف هكتار.

وأوضح الوزير أن الألغام الأرضية ومخلفات المعارك القديمة تعيق الحركة وتشكّل خطراً مباشراً على طواقم الإطفاء، حيث تسبب انفجار بعضها باشـتعال حرائق جديدة، إضافة إلى اشتداد الرياح، مما فاقم من انتشار النيران. وتواصل الفرق عملها على مدار الساعة لإنشاء خطوط قطع ناري تحدّ من تمدد النيران.

وفي الوقت الذي تكافح فيه فرق الدفاع المدني السورية هذه الكارثة البيئية، شهدت البلاد تلاحماً وطنياً لافتاً، حيث هبّت فرق من مختلف المحافظات السورية للمساهمة في عمليات الإطفاء.

من السويداء إلى اللاذقية… الأيادي تمتدّ بالحب والنخوة

أفاد سلطان نكد، ضابط آليات إطفاء السويداء، أن الاستجابة كانت سريعة بعد تلقي إيعاز من وزارة الإدارة المحلية وبالتنسيق مع شادي حسن، المسؤول عن المنطقة الجنوبية، حيث تم إرسال آليتين للإطفاء وصهريجي مياه من مجلس المدينة وفوج الإطفاء.

وقال نكد: “لبّينا النداء، ونحن السوريين دائماً نخوة ومحبة لبعضنا. ندعو الله أن تكون هذه النيران برداً وسلاماً على أهلنا في اللاذقية، وإن شاء الله نقدر نساعد ونكون عوناً لأخوتنا هناك”.

صوت الغابات: “سوريا جسم واحد”

أما أنور الطويل، ضابط الحراج في السويداء، فقد عبّر عن وحدة سوريا بكلمات مؤثرة قائلاً:

“أنا من دمشق، جذوري سنديان السويداء
أنا من إدلب، جذوري زيتون إدلب
أنا من دير الزور، شرياني نهر الفرات
سوريا كلها جسم واحد، وإذا تداعى عضو منها، هبّت جميع أعضائها لندائه”

وأشار الطويل إلى أن نداءً وصل من مديرية الزراعة والدفاع المدني وفوج إطفاء السويداء، وعلى إثره تم تجهيز خمسة صهاريج والتوجه مباشرة نحو اللاذقية للمشاركة بعمليات الإطفاء، داعياً الجهات المعنية لاستنفار كل الفرق للمساهمة في إخماد النيران.

من حمص… متطوّعون يطفئون باللهب كما بالحُب

ومن حمص، حمل المتطوع أبو محمد وأصدقاؤه عتادهم وإيمانهم بالواجب الوطني وتوجهوا نحو الساحل.

“منذ أول يوم، كنا ندعو لأهلنا ورجال الإطفاء. وفي اليوم الرابع، شعرنا أن الدفاع عن بلدنا لا يكون فقط بالسلاح، بل أيضاً بإطفاء الحرائق”، قال أبو محمد.

وأضاف: “قمنا بجمع تبرعات بسيطة لشراء المواد اللازمة للدفاع المدني، وبما أن معظمنا من أبناء الحصار ولدينا خبرة في التعامل مع الكوارث، انطلقنا للمساعدة، ولم يقتصر دورنا على الإغاثة بل شاركنا مباشرة في الإطفاء”.

وأكد أن رجال الدفاع المدني يؤدون دوراً بطولياً رغم الإنهاك، قائلاً:

“حاولنا أن نكون جزءاً من هذا الوطن، ونأمل أن تمر هذه المحنة بسلام على أهلنا”.

دعم إقليمي: طائرات وأطقم من دول الجوار

لم تقف المساعدة عند حدود الداخل، إذ شاركت لبنان والأردن والعراق وتركيا وقبرص في جهود الإطفاء من خلال إرسال فرق متخصصة وآليات دعم، مما يعكس أبعاد التضامن الإقليمي في مواجهة الكوارث الطبيعية.

بين ألسنة اللهب وصوت الأنين، تقف سوريا موحّدة… من جبال السويداء إلى سواحل اللاذقية، ومن بساتين إدلب إلى ضفاف الفرات، الأيدي متشابكة والقلب واحد. إنها ليست مجرد حرائق، بل اختبار جديد لوحدة بلدٍ أرهقته الأزمات، ولكنه لا يزال ينبض بالحياة والتكافل.