السبت 2 أغسطس 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا -فتاة سحلول

أعلن الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بعد سنوات من الحصار الذي طال كافة ركائز الحياة.

وتفاوتت الآراء حول القرار بين من يرى أنه قد يستغل لتعزيز نفوذ سلطات الأمر الواقع، لا لتحسين حياة المواطنين، وبين من يراه بوابة لعودة الحياة.

ويبقى السؤال الأهم: من المستفيد الحقيقي من رفع العقوبات؟ وما أثر ذلك على حياة السوريين في الداخل؟

منذ بداية فرض العقوبات الدولية على النظام السوري البائد في أيار ،عام 2011، كان الهدف المعلن هو “الضغط السياسي لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات”.

لكن الواقع أثبت أن النتائج كانت أكثر تعقيداً : انهيار اقتصادي، ارتفاع غير معقول بلأسعار وكثرة اعداد اللاجئين في دول الجوار بسبب المعاناة اليومية التي يعيشها السوري.

وحول هذا الموضوع صرح المحامي والناشط الحقوقي فراس حاج يحيى لمنصة “يلا سوريا” بالقول إن “رفع العقوبات يُشكّل خطوة مهمة نحو إعادة تطبيع العلاقات بين سوريا والمجتمع الدولي، ويعكس تحوّلًا في المقاربة الغربية من العزل إلى الانخراط”.

وأضاف الحقوقي : “أن هذا التطور قد يمهّد الطريق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل أوسع، وإعادة سوريا إلى المنصات الإقليمية والدولية باعتبارها طرفًا فاعلًا في ملفات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار.”

وعن السياسات الداخلية، أشار فراس حاج يحيى إلى أن “أي انفتاح خارجي يكون بطبيعته محفزًا للتطوير الداخلي، رفع العقوبات يُتيح للدولة السورية مرونة أكبر في إعادة ترتيب أولوياتها الاقتصادية والإدارية، ما قد يُمهّد لتحسين آليات الحوكمة وتعزيز دور المؤسسات المدنية”.

في السياق ذاته يقول فراس حاج يحيى :”إن الحكومة السورية أظهرت في الفترة الأخيرة إشارات إلى الانفتاح الاقتصادي وتحسين البيئة التشريعية ورغبة في إنجاح العملية الانتقالية و إشراك كافة السوريين في هذه العملية ، ورفع القيود الخارجية يُعزز هذه الاتجاهات”.

ومن الملفات الأكثر تداخلًا مع العقوبات، ملف عودة اللاجئين والنازحين، الذين ينتظرون ظروفًا آمنة ومستقرة للعودة.

وعن ذلك قال الحقوقي فراس حاج يحيى: “إن رفع العقوبات يُعد عاملًا إيجابيًا ومباشرًا في تشجيع العودة، لأنه يُعيد تحريك عجلة الاقتصاد والخدمات، ما يهيئ بيئة أكثر جاذبية للعودة الطوعية”.

مضيفاً: “أن الحكومة السورية أعلنت مرارًا ترحيبها بعودة جميع أبنائها، واتخذت بالفعل بعض خطوات لتسهيل ذلك. بطبيعة الحال، تبقى بعض التحديات قائمة، لكنها تتراجع مع استقرار الوضع العام وزيادة قدرة الدولة على تقديم الخدمات، والأولوية ستكون للنازحين في الخيام في سوريا ودول الجوار وفي هذا الصدد أتوقع ان تعمل هيئة المغتربين في وزارة الخارجية السورية على هذا الملف وتضع خطة متكاملة لذلك” .

في السياق ذاته أجاب فراس حاج يحيى حول الدول المضيفة والعودة القسرية للاجئين في الدول الجوار :
“رفع العقوبات لا يُبرر الإخلال بالالتزامات الدولية للدول المضيفة تجاه اللاجئين. العودة يجب أن تبقى طوعية ومنظمة وبالتنسيق مع الحكومة السورية ومع ذلك، استمرار الوضع الراهن يُرهق دول الجوار اقتصاديًا، ورفع العقوبات عن سوريا هو جزء من الحل لأنه يُمهّد لخلق بيئة أكثر قدرة على استيعاب العائدين”.

أكد حاج يحيى :”التنسيق بين سوريا والدول المضيفة يمكن أن يكون المدخل العملي لتحقيق عودة كريمة ومتدرجة”.

وفيما يرى البعض أن الانفتاح الدولي قد يُغلق الباب على المساءلة والعدالة الانتقالية.

عبر حاج يحيى : أن رفع العقوبات لا يتعارض مع مسار العدالة، بل يُسهّل مناخًا أكثر استقرارًا للحوار الوطني والمصالحة وللعدالة الانتقالية ورفع العقوبات يسمح بالحصول على مساعدات لوجستية و مالية تسهم في نجاح عمل هيئة العدالة .

يقول حاج يحيى: هذا السياق، الانفتاح الدولي يمكن أن يعزز مبادرات محلية نحو العدالة الانتقالية المستندة إلى السيادة الوطنية .

فيما يتعلق بحياة المواطنين اردف حاج يحيى : “أن رفع العقوبات يُعطي دفعة مباشرة لقطاعات حيوية مثل الصحة والطاقة والتموين والتعليم والنقل ،قد لا يشعر المواطن العادي بتغيير جذري خلال أسابيع، لكن خلال أشهر، من المتوقع أن تتوفر المواد الأساسية بسلاسة أكبر، وتنخفض نسب التضخم، ويبدأ النشاط الاقتصادي بالتعافي، خاصة إذا ترافق ذلك مع انفتاح من الدول الصديقة والمبادرات التنموية الممولة من صناديق الامم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي”.

وحول مسألة حقوق الانسان أشار حاج يحيى: “تحسين الاقتصاد ورفع الضغط الخارجي يمكّن الدولة من تخصيص موارد أكبر للقطاعات الخدمية والاجتماعية، ما ينعكس تلقائيًا على واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضاف:” أما الحقوق السياسية والمدنية، فهي جزء من عملية تطوّر وطني تدريجي وهي احدى اهم مطالب الثورة السورية في عملية تداول السلطة و المشاركة السياسية ، و أي دعم خارجي في هذا المجال يجب أن يكون مُحترمًا للسيادة ومراعٍ للواقع”

ليس رفع العقوبات مجرد إجراء أو قرار اقتصادي بل هو امتحان حقيقي لإرادة المجتمع الدولي، واختبار لنية النظام السوري في الانفتاح على استحقاقات العدالة والإصلاح.

فهل يُترجم هذا الانفتاح إلى خطوات حقيقية نحو المصالحة الوطنية وعودة اللاجئين بكرامة وأمان؟

المسؤولية باتت تقع على عاتق صانعي القرار، لكن عيون السوريين تبقى مفتوحة، مترقبة، لا تنتظر فقط الخبز والدواء، بل العدالة والكرامة التي سُلبت منهم.

اقرأ المزيد

📍 #دمشق في
💵 1 دولار = 10000 ليرة سورية
💶 1 يورو = 11325 ليرة سورية
💶 1 ليرة تركية = 258 ليرة سورية

📍 #حلب
💵 1 دولار = 10000 ليرة سورية
💶 1 يورو = 11325 ليرة سورية
💶 1 ليرة تركية = 258 ليرة سورية

📍 #إدلب
💵1 دولار = 10000 ليرة سورية
💶 1 يورو = 11325 ليرة سورية
💶 1 ليرة تركية = 258 ليرة سورية

🌟 1 غرام ذهب عيار 18 = 797 ألف ليرة سورية
🌟 1 غرام ذهب عيار 21 = 930 ألف ليرة سورية

الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية:
💵 1 دولار = 39.50 ليرة تركية
💶 1 يورو = 44.01 ليرة تركية

اقرأ المزيد

يلا سوريا – فتاة سحلول

استقبل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وفدًا أردنيًا رفيعًا برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي، وبمشاركة وزراء المياه، الصناعة، الطاقة، والنقل الأردنيين.

وجاءت هذه الزيارة في إطار تعزيز التعاون الثنائي، حيث تم التوقيع رسميًا على مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس التنسيق الأعلى بين سوريا والأردن، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من التنسيق المنظم بين البلدين الشقيقين، تهدف إلى تفعيل التعاون في مجالات المياه، الطاقة، النقل، الاقتصاد، والصحة، بما يخدم مصالح الشعبين.

والى جانب الزيارة ، انطلق في قصر تشرين بالعاصمة دمشق المؤتمر الصحفي المشترك بين الوزير الشيباني ونائب رئيس الوزراء الأردني الدكتور الصفدي، حيث جرى تسليط الضوء على أهمية هذا المجلس التنسيقي كمنصة استراتيجية لتطوير العلاقات الثنائية ومواجهة التحديات المشتركة.

صرح الصفدي : “نحن هنا بتوجيه من جلالة الملك عبد الله الثاني لبناء علاقات تكاملية مع سوريا. اليوم هو يوم إنجاز مهم اتفقنا خلاله على خارطة طريق للتعاون في ملفات حيوية، ونعمل ليكون استقرار سوريا جزءًا لا يتجزأ من استقرار المنطقة بأكملها”.

قال الشيباني أن “التنسيق الاقتصادي مع الأردن بدأ منذ اليوم الأول بعد التحرير، والأردن كان حريصًا على تعزيزه. نثمّن موقف الأردن الثابت في دعم سوريا، لا سيما في مواجهة التدخلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة”.

أكد الصفدي أن “الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب سوريا هي أيضًا اعتداء على الأردن، ونؤكد أن استقرار سوريا يتطلب وقف جميع أشكال التدخلات الخارجية”.

أشار الشيباني أن “سوريا خرجت من الحرب بعد 14 عامًا، وتركّز الآن على مرحلة الأمن والاستقرار. نشكر الأردن على استضافة اللاجئين السوريين ونعمل جاهدين على تأمين عودة كريمة وآمنة لهم”.

شدد الشيباني والصفدي والوزراء من كلا البلدين الحرص المشترك على إدامة التعاون والتنسيق المشترك حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يعكس تاريخية العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وسبل تطوير آفاق التعاون بينهما.

تأتي هذه الخطوة في ظل تحسن العلاقات بين سوريا والأردن، ومساعٍ مشتركة لإعادة تنشيط التعاون الثنائي بعد سنوات من الجمود السياسي.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن عودة نحو 500 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024.

وذكرت المفوضية أن معظم العائدين أتوا من دول الجوار مثل الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر.

عودة النازحين داخليًا

أفادت المفوضية بعودة ما يزيد على 1.2 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، ليصل العدد الإجمالي للعائدين إلى 1.7 مليون.

وتوقعت المفوضية استمرار الارتفاع في أعداد العائدين خلال فصل الصيف، مع نهاية العام الدراسي وبدء الإجازات.

عوائق تواجه العائدين

حذرت المفوضية من أن ضعف التمويل قد يؤثر على استقرار العائدين، ويهدد بخفض عدد العاملين في سوريا بنسبة 30%.

وأكدت المفوضية أن تحديات العودة تشمل نقص الخدمات الأساسية، وتدمير البنية التحتية، وصعوبة الحصول على الوثائق المدنية.

الاحتياجات الإنسانية المتزايدة

أوضحت التقارير أن 90% من سكان سوريا بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية، بينما لا يزال أكثر من 7.4 ملايين نازحًا داخل البلاد.

وأشارت المفوضية إلى أن محافظة حلب استقبلت النسبة الأكبر من اللاجئين العائدين، تقدر بـ 23%.

خطط المفوضية المستقبلية

أطلقت المفوضية منصة إلكترونية لتقديم معلومات للاجئين حول ظروف العودة، ولتيسير عملية اتخاذ القرار.

أبدى أكثر من 60% من اللاجئين رغبتهم بزيارة سوريا قبل اتخاذ قرار العودة النهائي، ما يعكس تطلعهم للاستقرار وإعادة بناء حياتهم.

اقرأ المزيد

قال السيد “عبد الهادي عودة”، مدير مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، إن الوضع المائي في منطقة عين التنور المصدر الرئيسي لمياه الشرب في محافظة حمص يعاني من تدهور ملحوظ، حيث يشهد منسوب المياه انخفاضًا مستمرًا، ما أدى إلى تقلص كميات الضخ المتاحة.

حيث وصلت المياه بكميات محدودة، ولم تصل اليوم، لكنه أكد أن ضخ كميات كبيرة من المياه متوقع أن يتم يوم غدٍ ظهرًا، لتعويض النقص الحاصل.

وأضاف أن الضخ سيشمل بعض أحياء مدينة حمص اعتبارًا من ظهر الغد، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي لهذا الوضع هو الانخفاض غير المسبوق في واردات المياه من منطقة التنور، نتيجة الظروف المناخية السائدة وقلة الأمطار التي أثرت على مياه عين التنور.

كما أشار إلى إمكانية تعديل برامج الضخ مستقبلاً بما يتوافق مع حجم الواردات المائية لضمان التوزيع الأمثل للمياه.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – بدر المنلا

لا زلت لا أصدق أنني أتنفس الهواء دون أن أسمع صوت هروانة أو صراخ سجان.”
هكذا بدأ وسيم عامر الطباع شهادته لاكثر 4 سنوات قضاها متنقلاً بين أقبية أجهزة المخابرات السورية وسجن صيدنايا الأحمر، حيث التعذيب ليس وسيلة للحصول على اعتراف، بل هدف بحد ذاته، والنجاة لا تُعد احتمالاً… بل استثناءً.

البداية في حمص

في 23 / 9 / 2020، اعتقل وسيم من قبل دورية تابعة لفرع الأمن العسكري في مدينة حمص، نقل فوراً إلى مقر فرع الأمن العسكري في حمص، وهناك بدأت المأساة:
“بمجرد دخولي، انهالوا عليّ بالشتائم والضرب المبرّح، استمروا حتى سال دمي، لم يكن هناك أي تحقيق، تم تجريدي من ملابسي بالكامل وتفتيشي بطريقة مهينة، ثم رموا عليّ ما تبقى من الثياب وزجّوني في المهجع”.

في المهجع، كان الصمت إجبارياً، لا يسمح بالكلام، وسيم أمضى 19 يوماً دون أن يستدعى إلى التحقيق، كان من المعروف ان المعتقلين الفارّين من الجيش يُحوّلون إلى قطعهم العسكرية خلال أسبوع أو عشرة أيام، لكنه بقي بانتظار مصير مجهول.

خلال تلك الفترة، صدر “عفو رئاسي” عن الفارّين من الخدمة العسكرية، لكن وسيم يعلق ساخراً:
“العفو كان إعلامياً فقط… لم يُفرج عن أحد.”

عندما اقتيد أخيراً إلى التحقيق، فوجئ بكلمات المحقق:
“أنا لا أريدك لأنك فارّ، أريدك لأنك كنت في حمص القديمة أثناء الحصار.”
وسيم لم يُنكر وجوده في حمص خلال فترة الحصار، لكنه أكد أنه خرج إلى مركز التسوية في مدرسة الأندلس، وسُوّي وضعه والتحق بالجيش رسمياً.

لكن المحقق لم يكن يسعى لسماع الحقيقة، سلّمه ورقة جاهزة، تطلب منه فقط التوقيع: تتضمن (خرجت في مظاهرات ضد الدولة، نفذت أعمال تخريب، شاركت في الهجوم على حي الزهراء ذا الاغلبية العلوية، قتلت وتسببت بمقتل 400 عنصر أمن، كنت على حواجز الثوار وتعاونت مع مسلحين.
رفض وسيم التوقيع، لم يحمل السلاح يوماً، وعندها بدأت حفلة التعذيب.
“مددت على بطني، عارياً، مكبلاً، رأسي في سلة قمامة، سكبوا الماء المغلي على ظهري… وكانوا يضحكون كلما صرخت، فقدت الوعي، وعندما استيقظت، كنت في المهجع مجدداً”.

لاحقاً، تم استدعاؤه مرة أخرى دون أي أسئلة، شُبّح بطريقة “اليدان خلف الظهر ومربوطتان بالحبل من الأعلى، حتى تُخلع الكتفين.
“استيقظت في المهجع، أكتافي مخلوعتان للخلف، المعتقلون ساعدوني بإعادتهما لمكانهما،
المفاجأة؟ رأيت آثار البصمات على أصابعي. وقّعت على الورقة تحت التعذيب وأنا مغمى علي”.

من حمص إلى دمشق: محطات الألم المتتالية

بعد فترة وجيزة، نُقل وسيم إلى سجن البالونة المركزي، حيث بقي أربعة أيام فقط (فترة ايداع)، ثم بدأ الطريق الطويل إلى العاصمة دمشق، نُقل إلى: سجن القانون (الشرطة العسكرية) محطة انتظار قصيرة، ثم فرع 48 في دمشق نقطة تحول قاسية بعدها فرع 235 (فرع فلسطين).

في فرع 48، كان أول استقبال له في “البراد”، وهو غرفة باردة جدًا يُحتجز فيها المعتقلون: “ضربونا بأنبوب بلاستيكي أخضر يسمونه (الأخضر الإبراهيمي)، لا طعام لمدة يوم ونصف. ثم حوّلوني إلى فرع فلسطين.

فرع فلسطين: اسم يُرادف الرعب

أمضى وسيم ما يقارب شهرين في فرع فلسطين، أحد أسوأ الفروع الأمنية السورية سمعة، الحياة هناك لا يمكن أن توصف بالحياه،
“كنا 115 معتقلًا في مهجع واحد، لا يمكننا النوم جميعاً في آنٍ واحد، كنا ننام بالتناوب، ويتناوب عشرة أشخاص ليجلسون فوق سطح الحمام”.
الغذاء كان معدومًا تقريبًا:
“كنا نحصل على نصف كوب شاي من الأرز أو البرغل يوميًا.”

كان في الزنزانة طفلان من ريف حمص، ورجل جزائري معتقل منذ عشرة أعوام، وكبار سن، ونساء تُسمع أصوات صراخهن أثناء التعذيب خلف الجدران.
“أحيانًا كانوا يطلبون من رئيس الزنزانة أن يختار واحدًا للتعذيب. يقولون: (بدنا واحد نتسلى فيه).”
في البداية، كان بعض المعتقلين يتطوع للخروج، ثم صارت الاختيارات عشوائية أو دورية، دون أي تحقيق… فقط تعذيب للترهيب والمتعة.

بعد شهرين، نُقل وسيم إلى فرع 277 في المزة وهو مستودعات تحت الأرض، ثم، بعد أيام، جاء الاسم الذي يرتعد له كل معتقل: صيدنايا.
“وُضعنا في سيارة تبريد، مكبلين بالجنازير، علمونا جملتين فقط: (أمرك سيدي) و(حاضر سيدي)،رأسك إلى الأسفل بين ركبتيك، يداك على عينيك، ممنوع النظر لأي سجان، إذا نظرت، تقتل”.

صيدنايا الأحمر: الجحيم المنظّم

على أبواب صيدنايا، كان الاستقبال مشهداً مرعباً بحد ذاته، رُكنت سيارة الشحن الباردة التي تقلّ المعتقلين، وبدأ السجّانون بالضرب على جدرانها المعدنية من الخارج، يرافقها سيل من الشتائم الطائفية والتهديدات بالقتل.

“أمرونا بالركض نحو (الهروانة) الموضوعة على الأرض، أي نقطة معيّنة علينا اللحاق بها بينما تُنهال علينا الضربات، ثم اقتادونا إلى غرفة التفتيش… خمس عدّات فقط لنكون عراة تماماً داخل مربع لا يتجاوز طوله 30 سم، ورؤوسنا للأسفل.”

في صيدنايا، تُلغى صفة الإنسان، لا اسم، لا وجه، لا صوت، فقط رقم، أو لقب يُطلقه السجّانون حسب مزاجهم.

حفلة الاستقبال: “فنجان القهوة” في الشيراتون

هكذا يسخر السجّانون من أكثر طقوس التعذيب وحشية في سجون النظام، “فنجان القهوة بالشيراتون” هو الاسم الذي أطلقوه على جلسة الاستقبال الأولى:
“200 ضربة بالكبل وأنت في الدولاب، القفز فوق أجسادنا، والركل، والشتائم. كانوا يضحكون وهم يقولون: استمتعوا بالقهوة، وبعدها، أمرونا بالقفز في المكان عراة تماماً”.

يُرمى المعتقلون بعدها في الزنازين الانفرادية: مساحة لا تتجاوز مترين بمترين، تضم ستة معتقلين دفعة واحدة، لا حمام، لا ضوء، قذارة منتشرة بكل مكان.
“تسعة أيام في المنفردة، عراة، الطعام مرة واحدة في اليوم، يفتح الباب لثوان، إن لم تأخذ قدر الطعام سريعاً يسحبك السجّان للخارج ويضربك حتى فقدان الوعي.”
الماء يُفتح لدقيقة ونصف فقط يومياً، بعد ذلك، تُوزّع بدلات بالية مستعملة على المعتقلين، ويُفرزون إلى المهاجع.

الحياة داخل المهجع رقم (8)

وسيم وُضع في الزنزانة رقم 8، حيث سيمضي ثلاث سنوات كاملة.

المهجع لا تتجاوز مساحته ستة أمتار مربعة، لكن كان يضم 35 معتقلًا. لكل واحد بلاطة واحدة فقط لينام فوقها. إن تحرّك في نومه اصطدم بجسد آخر.
“الأكل كان رغيف خبز واحد في اليوم، أو ما يعادل كأس شاي من البرغل أو الرز. لا أكثر.”
لا حاجة إلى وجود تهمة. لا محكمة. لا تحقيق. فقط التعذيب، كطقس يومي.
“يُفتح باب المهجع، يختار السجّان معتقلًا عشوائياً، يأخذه للتعذيب… لمجرد التعذيب، لا أسئلة، لا اتهامات، فقط للتسلية.”

ورغم الظلام والجوع، كانت هناك لحظات نادرة تمنح المعتقلين جرعة أمل، بعض المعتقلين كانوا يحفظون القرآن الكريم، ويقومون بتعليمه لمن حولهم سراً “كنا نكتب على لوح صابون ونتناقله، في أقصى درجات السرية”.
“حفظت 10 أجزاء من القرآن الكريم، ذلك ما كان يصبرنا، وبعض القصص التي كان يرويها إخوة عن النجاة والصبر”.

الزيارات: دقائق بثمن خيالي

استطاع أهل وسيم زيارته ثماني مرات خلال السنوات الثلاث، لكن بثمن باهظ، كل زيارة كانت تحتاج مبالغ خيالية تُدفع لضباط وسماسرة، واللقاء لا يتجاوز الدقيقتين.
“كانوا يسمحون لأهلي بجلب الطعام والملابس، لكن السجّانين يسرقون كل شيء، ذات مرة، سلّمني السجّان فردة واحدة فقط من الجوارب، وقال لي ساخرًا: (أهلك فقراء، ما قدروا يجيبوا غير هالجرابة).”

اللحظات الأخيرة: صمت ما قبل العاصفة

في الايام الاخيرة من وجوده في صيدنايا، لاحظ وسيم تغيراً في حركة السجّانين، ازدادت الدوريات، وتضاعف التعذيب.
“لم نكن نعلم أي شيء عمّا يحدث خارج السجن، لا عن تحرير حلب، ولا حماه، ولا أي منطقة، لكن كان واضحًا أن هناك شيئًا غير طبيعي يجري.”

لحظة التحرير: من الموت إلى الحياة

في إحدى الليالي، استيقظ المعتقلون على أصوات غريبة : اطلاق رصاص، صراخ، رائحة حريق، وتكبير، لم يتجرأ أحد على رفع رأسه، اعتقدوا أن السجّانين يفتعلون حريقًا لتصفية المعتقلين.
“سمعنا صوتًا لم نعهده من قبل، لم يكن لأحد من السجّانين، وقف شخص خارج الباب وصرخ: (هل يوجد أحد هنا؟). بقينا صامتين من الخوف.”
ثم بدأ طرق الأبواب، وارتفعت التكبيرات.
“عندها فهمنا… أو بدأنا نحاول أن نصدق… أنه ليس تعذيبًا هذه المرة. بل تحرير.”

أحد الاشخاص، فتح نافذة باب المهجع:
“كان وجهه نوراً، عينيه تلمعان. قال: (الحمد لله على السلامة. لا تخافوا، أنتم أحرار. الأسد هرب. نحن رجال الجولاني.)”
قام بكسر قفل الباب بإطلاق النار عليه، فتحت الأبواب. المعتقلون أمسكوا أيدي بعضهم، وركضوا دون أن يلتفتوا للخلف.
“خرجنا. رأينا مقاتلين وأسرى سابقين. لم نصدق. حتى الآن”.

النهاية… أم بداية جديدة؟

خرج وسيم من الزنزانة رقم(8)، وقد فقد أكثر من نصف وزنه، أربعة معتقلين من المهجع نفسه قتلوا تحت التعذيب خلال سنوات الاعتقال.
“خرجت جلدي على عظمي. كان لدي كتلة في يدي من التعذيب، والحمد لله أجريت لها عملية.”
بعد كل ما عاشه، يقول:
“نعم، نحن ولدنا من جديد. نحاول أن نعيش، أن ننسى. نحاول أن نتعافى من كل هذه الذكريات. ما يصبرنا أن الله أكرمنا بنصر، ونأمل أن يُنسينا تلك الأيام.”

اقرأ المزيد