الأربعاء 30 يوليو 2025
مادة إعلانية

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

في وقت يُفترض أن تكون فيه المرحلة الثانوية (البكالوريا) بوابة عبور للجامعات والطموحات، تحوّلت هذه السنة المصيرية في حياة الطلاب إلى كابوس حقيقي.

ففي ظل غلاء لا يرحم، ومناهج توصف بأنها “أثقل من أن تُحمل”، يجد طلاب البكالوريا في سوريا أنفسهم محاصرين بين الدروس الخصوصية المكلفة والمعاهد المرتفعة الرسوم، وبين مدارس حكومية لا تفي بالغرض، حسب رأي شريحة واسعة منهم.

ومن منصة “يلا سوريا”، نسلّط الضوء على حجم المعاناة التي يعيشها الطالب السوري، ونعرض تجارب طلاب يحاولون الصمود في وجه التحديات.

ترتفع كلفة الدروس الخصوصية بشكل جنوني، إذ وصل سعر الساعة الواحدة في بعض المواد الأساسية مثل الرياضيات والفيزياء إلى 70 ألف ليرة، ما يعني أن الطالب يحتاج إلى مئات الألوف لتغطية شهر واحد فقط من المتابعة.

تتضاعف هذه الأرقام عند الحديث عن المعاهد، حيث تبلغ دورة الرياضيات الصيفية نحو مليون ليرة، والشتوية 800 ألف، في حين تُكلّف دورة الفيزياء الصيفية مليون ليرة أيضًا، والمكثفة 600 ألف.

تتفاقم المشكلة أكثر عند الدخول في تفاصيل المواد، حيث لا تُشرح بعض الوحدات كاملة في المعاهد مثل “التحليل التوافقي والاحتمالات والتكامل”، ما يُجبر الطالب على الالتحاق بدورات إضافية تصل كلفتها إلى 400 ألف ليرة.

أما دورة العلوم، فتكلف صيفًا 800 ألف وشتاءً 600 ألف.

وتُضاف إلى هذه الأعباء رسوم التسجيل غير المبررة التي تُطلب قبل بدء الدورات، فضلًا عن الجلسات الامتحانية التي يصل سعر الواحدة منها إلى 60 ألف ليرة، ودورة اللغة الإنكليزية الصيفية التي تُقدّر بـ700 ألف ليرة.

توضح إحدى الأمهات هذا الواقع المؤلم بقولها: “كلما أراد ابني الالتحاق بدورة جديدة، أشعر وكأننا نطلب قرضاً مصرفياً.

نحن نحاول جاهدين ألا يُحرم من مستقبله، ولكن الوضع أصبح فوق طاقتنا.”

وتؤكد أن تكلفة السنة الدراسية لطالب بكالوريا قد تصل إلى ما يقارب 30 مليون ليرة سورية، وربما أكثر.

يروي ليث. ع، 18 سنة – علمي تجربته قائلاً: “أنا طالب، ولست بنكاً متنقلاً، هناك مصاريف جديدة كل أسبوع، اضطررت إلى إلغاء دورة اللغة الإنكليزية من أجل توفير المال لدورة الفيزياء.”

ويضيف بحرقة: “أصبحنا نخوض الامتحانات وكأنها لعبة حظ، ونسأل أنفسنا: لماذا يُحرم طالب من كلية الطب بسبب علامتين في سؤال عن مشاعر الشاعر؟!”

تنتقل المعاناة إلى الطالبة سارة. ك، 17 سنة – أدبي التي تعبّر بصوت يختلط فيه الأمل بالألم: “أشعر أن العلم أصبح لمن يملك المال فقط، لا أستطيع متابعة كل الدورات، فأكتفي بما أستطيع تحمّله، وأحاول أن أعتمد على نفسي في باقي المواد ولكن الحقيقة مؤلمة فالمعلومات التي أحتاجها غير متوفرة في المدرسة والدروس الخصوصية تكلّف أكثر مما تقدر عليه عائلتي.

وتختم قائلة: “صرنا نقسّم المواد حسب الدخل… وكأننا نشتري مستقبلنا بالتقسيط.”

ويصف رامي. م، 18 سنة – علمي جانبًا آخر من الأزمة من زاوية المحتوى الدراسي وضغوطه:
“نحن نُغرق بالمعلومات بطريقة مرهقة، دون أي فائدة حقيقية وبعض الأسئلة تُطرح فقط ليتحدى بها المدرسون بعضهم بعضاً، وليس من أجل تقييمنا.”

ثم يتساءل بحسرة:
“لن يسألني أحد في كلية الطب عن عاطفة الشاعر في القصيدة، بل سيسألوني عن حالة مريض على ما نخسر مستقبلنا بسبب سؤال لا علاقة له بتخصصنا الذي نريده؟”

ولا تقلّ تجربة رُبى. ح، 18 سنة – أدبي قسوة، حيث توضح كيف أن الأعباء المادية أثّرت حتى على قراراتهم التعليمية:
“أنا وأختي في مرحلة البكالوريا، وأمي لا تستطيع تحمل تكاليف الدورات لكلينا، لذلك قررنا الاعتماد على منصة اليوتيوب لتخفيف الضغط على أهلنا.”

وتختصر الوضع بجملة مؤلمة:
“نحن لا نريد أن نكون عبئاً على أهلنا، ولكن الوضع أصبح لا يُطاق.”

يتحدث الأستاذ إسماعيل. م عن سبب تزايد الاعتماد على المعاهد والدورات قائلاً:
“بعض الزملاء يكتفون بشرح القليل، لأنهم متأكدون أن الطلاب سيتجهون للمعاهد الخاصة والدروس المدفوعة وهذا الواقع يدمر جوهر العملية التعليمية.”

تستمر فصول هذه المعاناة مع كل عام دراسي جديد، دون أن تلوح في الأفق بوادر إصلاح حقيقية في حين يجد الطالب السوري نفسه عالقًا بين أعباء تعليم ترهق عائلته ومنهج يفوق طاقته العقلية والنفسية، فإننا لا نتحدث عن أزمة عابرة، بل عن كارثة تربوية واجتماعية تهدد مستقبل جيل كامل.

من منصة ‘يلا سوريا’ نرفع صوت كل طالب أنهكه الغلاء، اجعلوا الطريق إلى المستقبل أيسر، فالتعليم حق لا يجب أن يكون رهينة المال.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

تحمل حمص جراحها بصمت، وتعيش اليوم وجعًا جديدًا فوق ما عانته من حصار وتجويع ودمار، في المدينة التي صمدت وسط النار، ودُمرت أحياؤها حجراً حجراً، ودفعت أرواح أبنائها ثمنًا للكرامة، يُطارِد العطش أهلها كقدر يومي قاسٍ لا مهرب منه.

تجفّ الصنابير في أحياء ذاقت لهيب الحرب، كـ البياضة، الخالدية، ديربعلبة، جورة الشياح، وغيرهم، وتنتظر العائلات وعودًا لا تأتي، وتتكرر جمل المسؤولين دون أثر، إذ يشتري الناس الماء بأسعار باهظة، أو يقطعون مسافات للحصول على ما يكفي ليوم أو اثنين، بينما ترتفع درجات الحرارة وتنعدم الحلول.

تغيب الكهرباء عن القرى التي تملك آبارًا، وتتوقف المولدات عن العمل بسبب فقدان المحروقات أو ضعف الإمكانات التشغيلية. تُترك العائلات هناك في عزّ الصيف بلا نقطة ماء، رغم أن الماء موجود تحت أقدامهم. تزداد المعاناة بصمت، ولا تبدو هناك خطة واضحة تضمن الحد الأدنى من الاستجابة السريعة.

يتحول الحصول على الماء إلى عبء يومي يُثقل كاهل الأهالي، ويُربك تفاصيل حياتهم. يضطر الناس لتغيير عاداتهم، وتأجيل أعمالهم، والتفرغ لتعبئة ما تيسّر من الصهاريج أو الجوارير. تصبح المياه لا مجرّد حاجة، بل محورًا ينظّم اليوم والوقت والطاقة، ويترك أثره في كل بيت ومدرسة وشارع.

تكشف الأزمة عمق الإرباك لا في الموارد فقط، بل في آليات العمل والاستجابة. يعاني الناس من آثار قرارات غير مدروسة، أو خطط لا تواكب حجم الحاجة. لا أحد يسأل كيف تعيش الأمهات مع أطفال عطشى، ولا كيف تمرّ الليالي في منازل لا ماء فيها.

تستحق حمص أن تُروى، لا لأنها عطشى فحسب، بل لأنها عاصمة الثورة التي صبرت على ما لم يصبر عليه غيرها، فلا يليق بها أن تُقابل بالصمت بعد كل ما قدمته، وإن كان الصبر قد طالت أيامه، فالعطش لا ينتظر.

الحق في الماء ليس رفاهية… بل حياة.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

الثورة السورية لم تكن طريقًا سهلًا، لكنها كانت الطريق الوحيد.
خرج الناس في وجه الظلم لا طلبًا للفتات، بل لاستعادة ما سُرق من كرامة هذا الشعب لعقود، واجهوا القصف والرصاص والمعتقلات، فاستشهد من استشهد، وغاب من غاب، وبقي من كُتب له أن يحمل آثار المعركة في جسده إلى الأبد.

الإعاقة لم تكن نهاية الرحلة، بل بداية شكل جديد من النضال، فمن فقدوا أطرافهم، أو أُصيبوا بشلل دائم، أو خرجوا من المعتقلات بجراح لا تندمل، لم يغيبوا عن الساحة، ولم يُهزموا.
أجسادهم ربما انكسرت… لكن أرواحهم لم ولن تنحني.

يقول “ماهر .ن” (٣٩عامًا) من إحدى مدن الريف الشمالي في سوريا:
“أُصبت في قصف للطيران الحربي على أحد المراكز المدنية في بداية عام 2014. كنت أعمل متطوعًا في توثيق الجرائم وقتها، الشظايا أصابت عمودي الفقري، وأصبحت عاجزًا عن المشي.
أيام صعبة عشتها بعد الإصابة، لكن لم أندم يومًا. الثورة ما خلّتني بس أحلم بالحرية، هي علّمتني أعيشها، حتى لو فقدت القدرة على الوقوف.”

خلّفت الثورة السورية آلاف المصابين بإعاقات دائمة، أغلبها نتيجة القصف الممنهج على المناطق السكنية، أو التعذيب الوحشي في المعتقلات، أو الاستهداف المباشر للمدنيين أثناء المظاهرات.

من بين هذه الحالات، نجد من فقدوا أطرافهم، أو بصرهم، أو حركتهم بالكامل، لكن الكثير منهم رفضوا الانعزال أو الانكسار، وواصلوا مسيرتهم من مواقع جديدة: في الإعلام، أو التوثيق، أو التعليم، أو الإغاثة.

يواجه المصابون بإعاقات في مناطق الشمال السوري خاصةً تحديات ضخمة في حياتهم اليومية.
غياب البنية التحتية المناسبة، وانعدام مراكز التأهيل المتخصصة، ونقص الأدوات الطبية وأجهزة المساعدة، يجعل من أبسط الأنشطة تحديًا مرهقًا.

ومع ذلك، نراهم حاضرين في الفعاليات، ناشطين على الأرض، ومتفاعلين مع قضايا مجتمعهم، رغم الإهمال الذي يعانونه على المستوى المؤسسي.

لم تكن سوريا قبل الثورة مهيّأة لرعاية ذوي الإعاقة، وكانت النظرة المجتمعية لهم قائمة على الشفقة لا الحقوق.
ومع اشتداد الحرب، انهارت المؤسسات، وتفككت شبكات الحماية، فغابت السياسات والبرامج، وتُرك المتضررون لمصيرهم.
ومع أن بعض المبادرات المحلية حاولت تغطية الفراغ، فإن الواقع ما زال بعيدًا عن الحد الأدنى من الكرامة والعدالة.

أبطال الثورة من ذوي الإعاقة لم يكونوا ضحايا مرحلة، بل شهداء أحياء يحملون ذاكرة الثورة في أجسادهم، إعاقتهم لا تعني غيابهم، بل هي شهادة دائمة على بشاعة النظام من جهة، وعلى شجاعة الموقف من جهة أخرى.

إن تجاهل هذه الفئة خيانة أخلاقية وإنسانية لروح الثورة، فانتصار الثورة لا يُقاس فقط بسقوط النظام، بل أيضًا بقدرتنا على بناء مجتمع لا يُقصي من ضحّوا من أجله.

ومن واجبنا أن نحملهم في الذاكرة والعمل، لا كحالات إنسانية فقط، بل كجزء أصيل من مستقبل سوريا الحرة.

اقرأ المزيد

يلا سوريا _ رنيم سيد سليمان

أطلق النظام البائد آلة القمع منذ انطلاق الثورة عام 2011، مستخدمًا أقسى وسائل التعذيب لكسر إرادة الشعب المطالب بالحرية.

وتحولت السجون والمعتقلات إلى مسالخ بشرية، في واحدة من أبشع الانتهاكات التي شهدها العالم في مجال حقوق الإنسان.

اتبّع النظام البائد سياسات الترهيب منذ الأيام الأولى للاحتجاجات، فقام باعتقال الآلاف من المتظاهرين السلميين، بينهم نساء وأطفال، دون محاكمات أو اتهامات واضحة، في خرق صارخ لكل القوانين الدولية.

واستخدم ضباط الأمن أساليب تعذيب وحشية داخل المعتقلات، شملت الصعق بالكهرباء، الإيهام بالغرق، الشبح، والضرب حتى الموت، وفقًا لشهادات ناجين ومنظمات حقوقية، حيث وثّق “قيصر” عبر آلاف الصور حجم الجرائم التي ارتُكبت خلف جدران السجون.

وأخفى النظام قسريًا عشرات الآلاف من المواطنين، وحرم عائلاتهم من أي معلومة عن مصيرهم، ما جعل ملف المعتقلين والمفقودين أحد أعقد القضايا العالقة حتى اليوم، ومصدرًا دائمًا للألم والانكسار في المجتمع السوري.

وخلّف التعذيب في معتقلات النظام مئات الضحايا بإعاقات دائمة، تراوحت بين الشلل، فقدان البصر، وبتر الأطراف، نتيجة للضرب الوحشي وغياب الرعاية الطبية، حيث تحوّلت أجساد كثير من المعتقلين السابقين إلى شواهد حية على وحشية لا يمكن أن تُنسى أو تُغتَفر مع مرور الوقت.

وأدانت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، “نجاة رشدي” ممارسات النظام، مؤكدة في منشور لها عبر منصة “X” أن “ممارسات التعذيب في سوريا كانت ممنهجة وواسعة النطاق، وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.

وقالت: “لا شفاء دون عدالة، ولا سلام دون حقيقة، ولا مستقبل دون مساءلة”، مطالبة بانتقال سياسي يضمن عدم تكرار هذه الانتهاكات.

وأشادت رشدي بدور المرأة السورية في مقاومة القمع، وقالت: “أحيّي المرأة السورية الشجاعة، المناضلة والصامدة، صانعة السلام وحامية المجتمع”، داعية إلى تكريم من طالبن بالحرية ورفضن الصمت في وجه الاستبداد.

لم تُمحَ آثار التعذيب من أجساد وذاكرة آلاف السوريين، لكن صوت الحقيقة لا يزال أعلى من رصاص القمع، ومع استمرار المطالبة بالعدالة، يبقى الأمل معقودًا على عالم لا يساوم على الكرامة الإنسانية، وعلى ذاكرة جماعية تحفظ ما جرى، حتى لا يتكرر.

اقرأ المزيد

رنيم سيد سليمان _ يلا سوريا

فرض سلطته بالخداع والابتزاز، وتستّر خلف شعارات طلابية، هذا ما فعله “علي حمادي” رئيس فرع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا في جامعة حمص، طيلة سنوات عمله داخل منظومة النظام البائد، لم يكن مجرد موظف فاسد، بل واجهة لسلطة قمعية أُُسسَت لخنق الطلبة، وتفكيك بيئتهم الأخلاقية، وتحويل الحرم الجامعي إلى مسرح للابتزاز الجنسي والملاحقة السياسية.

بدأ حمادي مشروعه من داخل الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، وهو جهاز تنظيمي يتبع لحزب البعث، يُفترض أن يمثل الطلبة، لكنه تحوّل إلى ذراع أمنية داخل الجامعة، واستخدم ما يُعرف بـ”التأمين التابع” — وهي شبكة من العناصر المرتبطة بجهات أمنية — لفرض رقابة صارمة على الحياة الطلابية، والتحكم بخدمات مثل السكن والامتحانات وحتى المساعدات الجامعية.

شيئًا فشيئًا، تحوّل السكن الجامعي إلى وكر فساد ممنهج، تحت إشراف حمادي، وبالتنسيق مع شخصيات نافذة أبرزها:

  • فائق شدود – أمين فرع حزب البعث في الجامعة.
  • دارين حمدو – عضوة قيادة في فرع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا.
    •بتول يونس – مسؤولة في الشؤون الإدارية للاتحاد الطلابي.
  • محمد مطر – موظف ارتباط أمني ضمن الكادر الطلابي.
    •حسين جمعة – ضابط في فرع الأمن العسكري.

كانت الخطة بسيطة: استدراج الطالبات بمغريات إدارية، تصويرهن سرًا، ثم تهديدهن بنشر الصور إن لم يخضعن. من ترفض، تُطرد، تُشوّه، أو تختفي.

تكررت الحوادث وكان أشهرها، في نيسان ٢٠٢١، الطالبة “ريتا . ج” وُجدت مخنوقة ومكبّلة في غرفتها، الرواية الرسمية قالت إنها “مزحة”، لكن زميلاتها أكدن أنها تعرضت لضغوط لرفضها الانخراط في شبكة مشبوهة.

وفي أيلول ٢٠٢٢ الطالبة “م.م.” (سنة أولى كلية الزراعة)، سقطت من الطابق السابع، وقيل إنها انتحرت، بينما سُمع صراخها قبل سقوطها، بعد تهديدها بفضح صور كانت قد حصلت عليها من داخل الوحدة.

لم تتوقف الانتهاكات عند حدود الترهيب، بل طوّع حمادي صلاحياته لتحويل كل من يخالفه إلى هدف، حيث كان يُستدعى الطلبة إلى “مكاتب الاتحاد”، لتهديدهم أو مساومتهم، أما المعارضون، فيُرفع عنهم الغطاء الحزبي، ويُمنعون من السكن، وتُفتح بحقهم ملفات “أمنية” مفبركة أي “تقارير”.

لكن ذلك كله لم يكن ليحدث لولا الحماية الأمنية الصارمة التي وفّرها ضباط ومسؤولون، من داخل الحزب والأجهزة الأمنية، كان حمادي فوق القانون، يُقدّم أمام الإعلام على أنه قائد طلابي ناجح، بينما الحقيقة تقول إنه قاد أكبر شبكة ابتزاز داخلية في تاريخ الجامعة.

ومع تحرير سوريا وسقوط نظام الأسد البائد، هرب علي حمادي، كما هربت رموز المرحلة الفاسدة كلها، لم يواجه أي محاسبة، ولم يُقدّم للمحاكمة، رغم الملفات التي تثبّت تورطه في جرائم أخلاقية وجنائية.

إن ما ارتُكب في جامعة حمص لا يُغتفر، هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ويجب أن يُحاسب علي حمادي، وفائق شدود، وحسين جمعة، ودارين حمدو، وبتول يونس، ومحمد مطر، أمام محكمة مدنية عادلة.

لقد انتهى عهد الظلم، وسقطت الحصانة الكاذبة.


العدالة قادمة، مهما طال الهروب.

اقرأ المزيد

يلا سوريا – هيا عبد المنان الفاعور

شملت العقوبات الأوروبية التي فرضها الاتحاد الأوروبي مؤخرًا خمسة شخصيات تابعة للنظام البائد، منها المدعو غيث دلا.

وشغل غيث دلا منصبًا بارزًا في الحرس الجمهوري التابع للنظام السوري المجرم، وكان يُعرف بعلاقته المباشرة مع دوائر القرار الأمني في دمشق.

وتولى دلا مهام قيادة في العمليات العسكرية الميدانية خلال الأعوام الأخيرة من حكم النظام، خصوصًا في مناطق الاشتباك الساخنة، حيث وُثق دوره في تنفيذ أوامر القمع وملاحقة المعارضين السياسيين والمدنيين.

وتؤكد تقارير أوروبية أن غيث دلا أشرف على وحدات عسكرية شاركت في قصف قرى الساحل بالأسلحة الثقيلة، وأدار حملات مداهمة أسفرت عن إعدامات ميدانية واعتقالات جماعية، طالت مئات المدنيين من خلفيات طائفية محددة، في ما اعتُبر محاولة لتأجيج الصراع الطائفي وفرض واقع جديد بالقوة.

ولم يتوقف دور دلا عند خدمة النظام المجرم، بل واصل نشاطه بعد سقوطه في كانون الأول 2024، حيث ساهم في تأسيس مليشيات مسلحة عملت على زعزعة الأمن في الساحل السوري.

وتشير معلومات صادرة عن المجلس الأوروبي إلى أن تلك المليشيات ارتكبت جرائم قتل وتعذيب ونهب وتهجير، وارتبط اسم دلا بقيادة خلايا نفذت عمليات ميدانية تستهدف المدنيين، تحت غطاء “حماية الأمن المحلي”.

وبسبب هذه الانتهاكات، أدرجه الاتحاد الأوروبي على قائمة العقوبات الصادرة في حزيران 2025، والتي تضمنت تجميد أرصدته المالية، حظر سفره إلى دول الاتحاد، ومنعه من تلقي أي دعم مالي أو لوجستي من جهات أوروبية.

ويعتبر إدراج دلا خطوة مهمة ضمن المسار الدولي لمحاسبة مجرمي الحرب السوريين.

وتصفه منظمات حقوقية محلية ودولية بأنه أحد أبرز الوجوه العسكرية المتورطة في جرائم ضد الإنسانية خلال العقد الأخير.

وتوثّق إفادات ناجين من سجون الساحل إشرافه على تعذيب المعتقلين وممارسة أساليب وحشية معهم، بما فيها الإخفاء القسري والانتهاكات الجنسية داخل المعتقلات.

غيث دلا ليس مجرد ضابط عسكري سابق، بل هو فاعل رئيسي في الجرائم التي مزّقت النسيج السوري، وشرّعت أبواب الدم والطائفية على مصراعيها.

ومحاسبته ليست خيارًا سياسيًا، بل واجب قانوني وأخلاقي، من أجل الضحايا الذين لا يزال صدى صرخاتهم يدوّي في ذاكرة هذا الوطن الجريح.

اقرأ المزيد